وهناك مخاوف من احتمال وفاة 20 ألف شخص في الفيضانات المدمرة في ليبيا التي بدأت في 11 سبتمبر.
ومن المرجح أن يرتفع العدد الرسمي للقتلى، الذي تجاوز حتى الآن 5000 شخص، مع وجود ما لا يقل عن 10000 شخص آخرين في عداد المفقودين.
السبب الرئيسي لهذه الكارثة المأساوية هو انهيار سدين، بعد أن الإهمال في الصيانة جعلهما غير قادرين على حمل كميات المياه التي خلفتها العاصفة دانييل، مما أدى إلى إطلاق ما يقدر بـ 30 مليون متر مكعب من المياه في المدينة مدينة درنة، مما يثير مخاوف من تكرار التحالف. الطقس والاهمال من جديد داخل ليبيا وخارجها .
عام من المطر في ساعة واحدة
ومع التغير المناخي، لم تعد السيناريوهات الجوية محسوبة، ودائماً ما تكون هناك مفاجآت، وهو ما يتطلب الاستعداد من خلال تقوية السدود في مواجهة هذا الخطر.
وكانت المفاجأة في هذا الشهر في ليبيا كبيرة، إذ خلال 24 ساعة هطلت أمطار تجاوزت متوسطها لمدة عام كامل. وفي المتوسط، تتلقى مدينة درنة، الأكثر تضررا من الكارثة، 274 ملم من الأمطار سنويا، بحسب هيئة الأرصاد الجوية الألمانية، لكنها تلقت كميات أكبر من هذا. المعدل خلال ساعة واحدة. وهو السيناريو الذي قد يتكرر مستقبلا داخل ليبيا وخارجها، ويتطلب سدودا قوية.
وإلى جانب سدي درنة المنهارين، هناك 14 سدا آخر في ليبيا، موزعة على مختلف مدن شرق وغرب البلاد، وقد حذرت أكثر من دراسة بحثية من أن هذه السدود وأغلبها تتعرض للتخريب، الإهمال، وسرقة المضخات منذ عام 2011، تواجه خطر الانهيار في غياب أعمال الصيانة، ودوريتها يؤكدها تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2021.
ويشير التقرير الذي يتم تداول تفاصيله في وسائل الإعلام، إلى أن ميزانيات أنفقت على صيانة السد منذ عام 2007، من بينها ميزانية مخصصة لسد درنة، إلا أن تلك الميزانيات أنفقت دون تحقيق أهدافها، بحسب ما كان. جاء ذلك في تقرير ديوان المحاسبة الذي نشر مطلع عام 2022.
الإهمال يهدد سد “غزة”.
ورغم أن التقرير نشر مطلع العام الماضي، إلا أن أحدا لم ينتبه لخطورة الإهمال، إلا عندما عجلت التغيرات المناخية بالكارثة في درنة، ويخشى الليبيون من أن يواجهوا كارثة أخرى مع سد “الجزة” الذي يقع جنوبي مدينة درنة. مدينة برسيس التابعة لبلدية “توكرة”. “شرق مدينة بنغازي الليبية.
وثارت مخاوف كبيرة من انهيار هذا السد بعد ارتفاع المياه فيه عن مستوياتها السنوية، لأن ارتفاع هذا السد يزيد عن 60 مترا، وتنتشر مياه الوادي الذي يزيد ارتفاعه عن 100 كيلومتر، بينما وتقع قرى مثل المبنى والمليتانية وبرسيس وبوجيرار تحت السد.
وبينما كان سد “درنة” أحد السدود المجمعة المبنية بالطمي والحصى، فإن سد “جزة” هو سد خرساني، وهو أقوى عمليا، لكنه مثل أي سد آخر يحتاج إلى صيانة، وهو أمر أصبح أكثر إلحاحا بعد عاصفة دانيال.
وجلبت العاصفة كميات غير عادية من الأمطار، أدت إلى امتلاء السد، حتى فاضت مياهه وتشكلت جداول صغيرة، امتد تأثيرها لمسافة خمسة عشر كيلومترا تقريبا. ويتطلب هذا السد تدخلا سريعا، لإطلاق حمولته خوفا من أن يتسبب في سيناريوهات كتلك التي حدثت في درنة بسبب تعطل المضخات الهيدروليكية، التي تدهورت بشكل رئيسي بسبب عدم صيانتها، بحسب تصريحات صحفية لمحمود. سعد رئيس بلدية توكرة.
سد الموصل: مخاوف متجددة
ولا يقتصر الأمر على ليبيا، فالعراق أيضا مهدد بنفس المصير، وللسبب نفسه، وهو مزيج من الطقس والإهمال، إذ كرر خبراء أميركيون قبل يومين التحذير عبر شبكة “ناشيونال جيوغرافيك” بشأن انهيار السد بسبب الإهمال في صيانته، مما قد يؤدي إلى وفاة مليون ونصف مليون شخص يعيشون على ضفاف نهر دجلة إذا لم يتم إخلاء مسار الفيضان خلال 3 أو 4 ساعات في الوقت المحدد.
هذه التحذيرات الأميركية ليست جديدة، إذ سبق أن تحدث تقرير أميركي عن انهيار السد عام 2005، تلاه تقرير آخر عام 2015، بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى المدينة، إلا أن وزارة الموارد المائية العراقية أرسلت رسالة مطمئنة، أكدت فيها أن سد الموصل شهد أعمال الحشو التي قام بها سلاح المهندسين. واستخدم الأمريكيون وشركة إيطالية تقنيات حديثة وأجهزة استشعار متطورة كان لها دور إيجابي كبير في تقوية السد وجعله آمنا لتخزين المياه، وهو ما سمح للسد بتخزين كميات كبيرة جدا في عام 2019.
ورغم رسالة التطمين التي أرسلتها وزارة الموارد المائية العراقية، إلا أنها لم تكن كافية لإزالة المخاوف التي تسيطر على العراقيين من تكرار سيناريو مشابه لكارثة درنة، إذ عبروا في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن تخوفهم من أن فهذه تصريحات فارغة لا أساس لها من الواقع.
عاصم سعد، الباحث في الـ 100 بئر بجامعة أسيوط جنوبي مصر، لا يرى مانعا من توجيه رسالة تطمين لوزارة الموارد المائية، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن ذلك لا يكفي، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عين نيوز أنه “لو… كان هناك اهتمام معقول بالصيانة، ويجب أن تحظى بالكثير من الاهتمام، لأنه لا مجال للاستهتار بالتغير المناخي”.
تواتر الأحداث المتطرفة
ويقول: “إن الظواهر الجوية المتطرفة الأكثر تواترا وشدة هي من بين التأثيرات المتوقعة والمرصودة لتغير المناخ، والتي ستحدث بشكل متكرر في السنوات المقبلة، كما أكد تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ”.
ويوضح سعد أن التقرير كشف أن “هناك ثقة عالية في أن وتيرة وشدة هطول الأمطار الغزيرة قد زادت منذ خمسينيات القرن الماضي في معظم مناطق الأراضي التي تكفي بيانات الرصد الخاصة بها لتحليل الاتجاهات، ومن المرجح أن يؤدي تغير المناخ الناجم عن الإنسان إلى زيادة سبب المحرك الرئيسي
على الرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يقول على وجه اليقين أن حدثًا معينًا كان سببه أو تفاقم بسبب تغير المناخ، فإن دراسات الإسناد يمكنها تقييم احتمالية تأثير تغير المناخ على العاصفة دانيال، كما يقول جونتر بلوشل، عالم الهيدرولوجيا في جامعة فيينا للتكنولوجيا.
وقال في تقرير نشره يوم الاثنين موقع “نيتشر” حول علاقة العاصفة دانيال بالتغير المناخي، “الإجابة على ذلك، دون تحليل مفصل في هذه المرحلة، هي نعم، هناك علاقة سببية واضحة تماما”.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDoxMTo6NGYg M&M Island IN